UAB MAGAZIN AUGUST 2025

64 مقالات ) 2025 إتحادالمصارفالعربية(آب/ أغسطس U NION OF A RAB B ANKS ( August 2025) إدارة الـديـون فـي عـالـمشـديـد التغـيّر بقلم الدكتور محمود محيي الدين ثير في المؤتمر الأخير لتمويل ُ من أهم ما أ قد في مدينة إشبيلية ُ التنمية المستدامة الذي ع قضية المديونية الدولية؛ التي ً الإسبانية مؤخرا عد أزمة صامتة يعاني تبعاتها كثير ُ كانت ت البلدان منخفضة ُ من البلدان النامية. فنصف الدخل، إما تعاني بالفعل ضوائق المديونية ضها لمحنة ّ الخارجية، وإما تزداد أخطار تعر سداد مديونيات تتجاوز طاقتها على السداد. ففي السنوات السبع الأخيرة إرتفعت تكلفة خدمة ديون البلدان ذات الأسواق الناشئة ، ً % سنويا 12 بمتوسط سنوي زاد على بما يتجاوز ضعف متوسط نمو صادراتها والتحويلات الآتية إليها. مليارات إنسان 3.3 ويعيش اليوم أكثر من في بلدان يتجاوز ما تنفقه على فوائد القروض ما تنفقه على التعليم ن. ْ أو الرعاية الصحية، وفي حالات كثيرة ما تنفقه عليهما مجتمعي ف عن ُّ بت أزمة التخل ّ فأي مستقبل ينتظر هذه البلدان وقد تجن فها عن التنمية؟ وفي هذه الأزمة ُّ سداد ديونها في وقوعها بتخل ر المدين بالتقشف في الإنفاق العام على أولويات ّ الصامتة، يتست رئيسية، ويعتصره لسداد فوائد الديون وأقساطها؛ ولا يريد أن يبوح بتكلفة أزمته ليستمر في إستقدام مزيد من القروض الجديدة، التي ها لتمويل أقساط قروض قديمة. والدائن صامت ما دامت َّ ل ُ وجه ج ُ ي فت فقد استعد لها ّ تدفقت أقساط السداد في مواقيتها، وإن هي تخل ً صات مناسبة فلن يعضله تأخرها، كما أن الدائن؛ مستفيدا ّ بمخص فيه لتكلفة الإقراض ٍ غ َ مبال ٍ ط برفع َّ من خبرات أزمات سابقة، تحو الذي يقدمه لهذه البلدان لتعويض ما يعده من مخاطر التعثر. الحرمان من مزيد من الديون، وإطمئنان َ وبين صمت المدين خشية الدائن على أوضاع مديونياته، إنتهى الأمر إلى أن صافي التدفقات ده هذه البلدان لدائنيها ّ ، إذ تجاوز ما تسد ً للبلدان النامية صار سالبا .2024 مليار دولار في العام 25 كل ما يتدفق منهم بمقدار ف ُّ يات سداد الديون، ومعها زيادة إحتمالات التخل ّ وتزداد تحد بات أسعار ّ عن السداد، مع إرتفاع تكلفة التمويل من ناحية، وتقل الصرف، وتراجع متوسط معدلات النمو الإقتصادي للبلدان النامية %، وهو الأدنى 3.7 خلال السنوات الخمس الماضية إلى نحو على مدار ثلاثة عقود. وقد كان نظم المقرضون تجمعاتهم وأحسنوا تنسيق مواقفهم، ومن ر على ّ أفضل ترتيباتهم ما كان في إطار نادي باريس الذي تطو مدار العقود السبعة الماضية. وقد إفتقر المقترضون لمثل هذا الترتيب بينهم رغم محاولات لم قات ّ بالتوفيق، إما لمناصبتها المعو َ تحظ من خارجها، وإما لإفتقارها لأصول التنسيق المؤسسي والمثابرة داخلها. ع ّ وقد إمتدت المطالبات بتأسيس تجم للمقترضين بأهداف مختلفة، كان منها ما رح منذ عامين للبلدان الأفريقية للتنسيق ُ إقت بينها، وتبادل المعلومات، وتحسين الشروط التفاوضية والتعاقدية بتدعيم كفة المدين مقابل كفة الدائن التي لطالما رجحت في إطار ترتيبات ً فرصها، خصوصا للمؤسسات المالية الدولية جعلتها منذ نشأتها تجاه البلدان الدائنة ً وعمليا ً تميل موضوعيا صاحبة الغلبة في رؤوس أموالها، ومقاليد حوكمتها. كما كان من الأهداف المقترحة أن يتجاوز دور هذا التجمع المقترح للمقترضين مواضيع مثل التعاون الفني والتنسيق وتبادل المعلومات إلى الاقتراض الجماعي. ص في ّ رك بنموذج بنك «غرامين» في بنغلاديش المتخص ِ ّ بما يذك لوا ِ ّ ليشك ً القروض الصغيرة، من خلال تجميع ذوي الدخول الأقل معا فتقلل تكلفة الإقتراض بتخفيضها ً كتلة متماسكة يدعم بعضها بعضا مخاطر التعثر. كما تستند هذه الفكرة إلى ما شرحه الاقتصادي جوزف ستيغليتز الحائز جائزة نوبل في الاقتصاد بمفهوم «رقابة النظراء»، أي قيام مجموعات متماثلة من المقترضين بمتابعة سلوكها وأدائها في التمويل والإقتراضوالسداد في ما بينها لتقليل مخاطر عدم .ً ن شروط التمويل عمليا ِ ّ السداد بما يخفض التكلفة، ويحس في النجاح في تمويل الأفراد ً وإن كانت هذه الفكرة قد وجدت فرصا على النحو الذي صار في تجربة بنك «غرامين»، فإن صعوبات ة تعترضها في حالة الإقتراض الجماعي لبلدان متفرقة كل منها َّ جم ذات سيادة. قد تتبادر إلى الذهن حالة الإقتراض الجماعي للإتحاد الأوروبي بعد أزمة «كورونا»؛ للتعافي من آثارها الإقتصادية 2026 و 2021 والإجتماعية، من خلال إصدار سندات بين عامي مليار يورو بضمان وإلتزام بالسداد من خلال موازنة 800 بمقدار الإتحاد الأوروبي لصالح أعضائه، بزيادة متفق عليها في إيراداتها .2058 لهذا الغرض حتى تمام السداد في العام فساحة الديون قد تبدلت ولم تعد القروض الثنائية لدول نادي باريس مع إزدياد دور دائني ً كما كانت من حيث النسبة والتأثير، خصوصا القطاع الخاص والصين ودول أخرى ذات أسواق ناشئة ومرتفعة الدخل من غير الأعضاء في نادي باريس. مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة لتمويل التنمية المستدامة (المصدر: جريدة الشرق الأوسط) د. محمود محيي الدين

RkJQdWJsaXNoZXIy MTMxNjY0Ng==