Issue 540 November
98 الأبحاث والتقارير ) 2025 إتحاد المصارف العربية (تشرين الثاني/ نوفمبر U NION O F A RAB B ANKS (November 2025) الإتجاهات الحديثة في إدارة الإلتزام ومكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب توظيف الذكاء الإصطناعي في الإمتثال يتطلّب وضع أطر حوكمةصارمة تضمن العدالة وتمنع الإنحياز وتحافظعلى خصوصية المستخدمين شهد النظام المالي العالمي في العقد الأخير تحوّلاً نوعياً في مفهوم إدارة الإلتزام ومكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، إذ لم يعد الإمتثال مجرّد إلتزام شكلي بمجموعة من القواعد التنظيمية، بل أصبح عنصراً جوهرياً من عناصر الحوكمة المؤسسية وركيزة أساسية في تعزيز النزاهة المالية والإستقرار الإقتصادي. فقد أظهرت الأزمات المالية المتعاقبة، إلى جانب التطوّرات التقنية المتسارعة، أن هشاشة نظم الإمتثال لا تؤدي فقط إلى مخاطر قانونية وعقابية، بل تمتد لتقوّض ثقة المستثمرين والمراسلين الدوليين، وتحدّ من قدرة المصارف على الإنخراط الفاعل في النظام المالي العالمي. من هنا، برزت الحاجة إلى إعادة صياغة الإطار المفاهيمي لإدارة الإلتزام بما يتجاوز التقيّد القاعدي إلى منظور قائم على الفعّالية )، حيث يتم تقييم الأداء وفق النتائج المحققة، لا وفق حجم الوثائق والإجراءات Effectiveness-Based Compliance( المعتمدة. ونتيجة لذلك، باتت قدرة المؤسسات المالية على الوقاية من المخاطر المالية والإجرامية تُقاس بمدى قدرتها على كشف الأنماط المشبوهة وتحليل العلاقات المعقدة بين المعاملات، بدلاً من الإكتفاء بملء النماذج وإرسال التقارير. وقد فرض هذا التحوّل الجوهري إعادة هيكلة كاملة لوظائف الامتثال، سواء على مستوى الموارد البشرية، أو البُنى التقنية، أو منهجية تحليل المخاطر، ما خلق تحدّياً جديداً أمام الإدارات المصرفية يتمثّل في تحقيق التوازن بين الكفاءة التشغيلية والرقابة الوقائية. الإطار التنظيمي والمعياري العالمي يُشكل الإطار التنظيمي العالمي لإدارة الإلتزام ومكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب المرجعية الأساس التي تستند إليها جميع الأنظمة الوطنية، وهو نتاج تراكم عقود من الجهود الدولية التي هدفت إلى بناء منظومة مالية أكثر شفافية ومتانة. وتُعد مجموعة ) الأساس في هذا البناء، إذ أسست منذ FATF العمل المالي ( منهجية شاملة تعتمد على التوصيات الأربعين التي 1989 العام وضعت معايير موحدة لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب وإنتشار أسلحة الدمار الشامل. ومع مرور الزمن، تحوّلت هذه التوصيات من أدوات إسترشادية إلى معايير إلزامية، يُقاس من خلالها إلتزام الدول في إطار التقييمات المتبادلة الدورية التي لم يعد على وجود FATF تنفذها المجموعة. واللافت أن تركيز القوانين فقط، بل على فعّالية التطبيق ومدى قدرة الأنظمة الوطنية على تحقيق نتائج ملموسة، مثل معدّلات التحقيق والإدانة وجودة التنسيق بين الأجهزة الرقابية والقضائية. 2015 أما على الصعيد الأوروبي، فقد شهدت أوروبا منذ العام
Made with FlippingBook
RkJQdWJsaXNoZXIy MTMxNjY0Ng==